Latest News
أخر الأخبار

”الأبحاث في جامعة القديس يوسف في خدمة لبنان

2025-06-13 18:30:00

عيسى الخوري يفتتح “الأيام البحثية” في اليسوعية: البحث العلمي رافعة لإنقاذ لبنان
 
افتتح وزير الصناعة جو عيسى الخوري النسخة السادسة عشرة للأيّام البحثيّة التي تنظّمها جامعة القديس يوسف بعنوان:”الأبحاث في جامعة القديس يوسف في خدمة لبنان، نحو المستقبل وما وراء الحدود،” بدعوة من رئيس الجامعة الأب اليسوعي البروفسور سليم دكاش ونائب رئيس الجامعة للأبحاث وعميد كلية العلوم البروفسور ريشار مارون. وحضر المدير الإقليمي للشرق الأوسط في الوكالة الجامعية للفرنكوفونية جان نويل باليو، مديرة المعهد الفرنسي في لبنان سابين سيورتينو، ممثلةً بالسيدة لورانس كوسارت مسؤولة التعاون العلمي والأكاديمي، الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية العلمي الدكتور شادي عبد الله، نوّاب رئيس الجامعة، عمداء ومديرون، ممثلو المؤسسات الشريكة، باحثون، خريجون، وطلاب.
 
افتتح اللقاء بالنشيد الوطني ونشيد الجامعة.
 
ثم ألقى البروفسور مارون كلمة:”تُعدّ هذه الأيام جزءًا من لحظة فارقة في تاريخنا: الذكرى السنويّة الـ 150 لتأسيس جامعة القديس يوسف، التي تأسست عام 1875 بهدف خدمة المجتمع اللبناني والمساهمة في النهوض بالمعرفة في المنطقة وخارجها. واليوم، لا تزال هذه المهمة أكثر أهمية من أي وقت مضى. لقد شهد البحث في جامعة القديس يوسف نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. مدفوعًا باستراتيجية منظمة تنفّذها نيابة الجامعة للأبحاث، يستند هذا البحث إلى خطة طموحة مدّتها ثلاث سنوات تُركز على الجودة العلمية، والظهور، والتأثير الاجتماعي، والترويج.”
 
وقال:”النتائج ملموسة وقابلة للقياس:
 
– زيادة بنسبة 80% في عدد المنشورات، وزيادة بنسبة 176% في الاستشهادات.
 
– معدّل منشور واحد لكل باحث سنويًا، على الرغم من السياق الوطني الصعب.
 
– طفرة ملحوظة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، التي لطالما كانت غائبة عن المقاييس الدولية، والتي أعدناها كأولوية استراتيجية.
 
– تعزيز التدويل، مع أكثر من 2000 تعاون نشط عبر خمس قارات.
 
– تحسين دمج البحث في التدريس، مع تقديم دعم خاص للباحثين الشباب وطلبة الدكتوراه.
 
من بين مشاريع الهيكلة الجارية، على سبيل المثال لا الحصر:
 
– إعادة هيكلة هياكلنا البحثية لتحسين حوكمة البحث، وتشجيع التعاون متعدد التخصصات، ومواءمتها مع الخطة الاستراتيجية لجامعة القديس يوسف.
 
– برنامج فهرسة منهجي للمجلات العلمية لجامعة القديس يوسف لضمان الاعتراف بها وظهورها، وخاصةً للتخصصات غير الناطقة باللغة الإنجليزية.
 
– العضوية في منصة إلسفير الرقمية المشتركة، مما سيُحسّن نشر مجلاتنا ويزيد من تأثيرها.
 
– اشتراك في سكوبس للذكاء الاصطناعي، وهي أداة استراتيجية لباحثينا، ستوفر لهم ميزات متقدمة للرصد، وتحليل الشبكات، وتحديد الشركاء.
 
– إنشاء مكتب للمنح ومكتب لنقل التكنولوجيا بالتعاون مع بيريتيك كجزء من مشروع “لبنان المبتكر”.
 
ألقى الأب دكاش كلمة شكر فيها الوزير عيسى الخوري على الرعاية والحضور، كما أثنى على التعاون بين الجامعة وشركائها.
 
أعلن أنّه، في ما يتعلق بالتصنيفات الدولية للجامعات، “تعزّز حضور جامعة القديس يوسف في التصنيفات التي أهملناها إلى حدّ ما، نظرًا لسنوات الأزمة، وتقدّمنا خلال عام واحد ماية مركز في تصنيف QS.”
 
وجّه تحيّة إلى “المتحدّثين الذين تُسهم أعمالهم وعروضهم التقديميّة في تغذية التفكير، وفتح آفاق جديدة، وبناء الجسور بين التخصّصات والمؤسسات والآفاق الجغرافيّة.” وأشاد “بأساتذة الجامعة الباحثين، قائلاً لهم:” أنتم الحرفيّون الرصينون والأساسيّون في تحويل مجتمعنا. من خلال منشوراتكم ومشاريعكم وإشرافكم، تحملون رسالة جامعة القديس يوسف إلى ما هو أبعد من جدران الحرم الجامعي، في خدمة لبنان وشبابه والبشريّة جمعاء. واليوم، لم يعد بالإمكان النظر في البحث العلمي دون حوار مثمر مع التقنيّات الناشئة، وخاصة الذكاء الاصطناعي. لقد أصبح الذكاء الاصطناعي، بعيدًا عن كونه مجرّد أداة تقنية، لاعبًا متعدّد الوظائف، قادرًا على تسريع الاكتشافات، ونمذجة الواقع، واستكشاف البيانات بشكل لم يسبق له مثيل من قبل.”
 
أضاف:”لكنّ هذه القوّة الجديدة تتطلّب يقظة أخلاقيّة عالية. في جامعة القديس يوسف، نؤمن إيمانًا راسخًا بأن البحث يجب أن يجمع بين التفوّق الأكاديمي والمسؤوليّة الإنسانية. لا يمكن فصل الذكاء عن الضمير، والتقدّم التكنولوجي، إن لم يكن متجذرًا في القيم، يُخاطر بالعمى. لهذا السبب، تُشجع جامعتنا البحث المتجذّر في احتياجات البلاد، من تنميتها الصناعية والاقتصادية والاجتماعية إلى مواطن ضعفها الاجتماعية والبيئية، وهي منفتحة على التعاون الدولي لمواجهة التحدّيات الكبرى في عصرنا اللبناني والدولي. يمرّ الاهتمام بالشباب من خلال ريادة الأعمال، والاقتصاد المستدام، والصحّة العامة، والتعليم الشامل، والحفاظ على التراث، والتحوّل في مجال الطاقة بمرحلة حرجة، لكنني ما زلت مقتنعًا بأنه يمكن، بل يجب، الاعتماد على هذه الجامعات، وعلى جامعة القديس يوسف، كمصدر للحلول والإبداع والمرونة والأمل. البحث الجامعي ليس ترفًا؛ بل ضرورة وطنية ودولية. فلنواصل معًا هذا المسار من البحث العلمي نحو المستقبل في جميع المجالات، بالطبع، ولكن أيضًا خارج الحدود، لأن العلم في جوهره لغة عالمية. أتمنى لكم أيامًا مثمرة وملهمة، منفتحة على آفاق جديدة تمامًا.”
 
ألقى الوزير عيسى الخوري كلمة جاء فيها:” يشرفني أن أكون بينكم اليوم في جامعة القديس يوسف، هذه المؤسسة التي تجسّد منذ أكثر من 150 عاماً التميز الأكاديمي، والانفتاح الفكري، وخدمة الخير العام. إن التواجد هنا هو عودة إلى جوهر ما يملكه لبنان من كنوز: المعرفة، والشباب، والقدرة على التفكير الحر، وبناء مستقبل مشرق، حتى في أحلك الظروف. أشكر الأب دكاش والبروفسور مارون، ويشرّفني رعاية هذا الحدث العلمي.
 
اسمحوا لي باعتراف صغير: أنا من القلائل في عائلتي الذين لم يتتلمذوا على أيدي الآباء اليسوعيين. لكنني تداركت الأمر: ابني ألكسندر وابنتي أندريا هما خريجا مدرسة الجمهور، ويعتزان بذلك، وأنا أعتز بهما أكثر.
 
نحن نعيش في زمن من التحوّلات الجذرية — الجيوسياسية، والاجتماعية، والتكنولوجية — حيث تتغيّر معالم العالم بسرعة تتجاوز قدرة المجتمعات على التكيّف. وفي هذا السياق، لم يعد بالإمكان اعتبار البحث العلمي نشاطاً أكاديمياً معزولاً. بل يجب أن يُنظر إليه، في لبنان، كمسؤولية وطنية، وكرافعة أساسية لإعادة بناء اقتصادنا، وتحديث مؤسساتنا، والاحتفاظ بطاقاتنا الشابة، ودفع لبنان بثقة نحو المستقبل.
 
غالباً ما أكرر: إن سيادة الدول لا تُقاس فقط بحدودها، بل تُقاس بقدرتها على الإنتاج، والابتكار، والرعاية الصحية، والتربية، أي ببنائها الذاتي لشروط كرامة شعبها. وهذا لا يتحقق إلا من خلال البحث العلمي.
 
وبصفتي وزيراً للصناعة، أؤمن أن لا مستقبل صناعي قوي للبنان من دون استثمار جدي في المعرفة، وبالتالي في البحث. فالصناعات الحديثة لم تعد تعتمد على الموارد الطبيعية، بل على الذكاء البشري. الابتكار، والتكنولوجيا، وتحويل الفكرة إلى قيمة مضافة — هذه هي المواد الأولية الجديدة.
 
لذا، علينا أن نبني جسراً صلباً بين مراكز البحث العلمي — كما في جامعة القديس يوسف — والنسيج الاقتصادي اللبناني. يجب أن ندعم البحث التطبيقي، ونموّل المختبرات، ونُعزّز حاضنات الابتكار، ونُفعّل الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجالات واعدة كالصناعات الغذائية، والتكنولوجيا الحيوية، والطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي. بطبيعة الحال، البحث العلمي يتخطّى الحدود. وهنا تكمن فرصة لبنان. فنحن نملك طاقات مغتربة استثنائية: فإلى جانب القدرات المالية، لدينا آلاف العلماء، والمهندسين، والأطباء، والأساتذة الذين يتألقون في أرقى الجامعات والمؤسسات حول العالم. آن الأوان لربطهم بمؤسساتنا الأكاديمية، ولخلق جسور حقيقية. آن الأوان لقلب معادلة “هجرة الأدمغة” إلى “دورة معرفة متنقلة”. يمكن للبنان أن يتحول إلى منصة بحثية متعددة اللغات، متعددة التخصصات، ومتصلة عالمياً. وفي هذا السياق، من المفيد أن ندرس تجارب الدول التي اعتمدت على البحث العلمي كرافعة للنهضة والازدهار، كي نستخلص منها ما يناسبنا.
 
وقد قمت شخصياً ببعض البحث. فوجدت أن إسرائيل تستثمر ما يقارب 6٪ من ناتجها المحلي في البحث والتطوير. وتليها دول مثل كوريا الجنوبية، وتايوان، واليابان، والولايات المتحدة التي تستثمر بين 3 و5٪ — أرقام هائلة.
 
لكن الأهم من الأرقام هو بنية المنظومة التي تتبناها هذه الدول، والتي تقوم على أربعة ركائز:
 
1. بحث علمي في المجالات الدفاعية مع أثر كبير على الاستخدامات المدنية.
 
2. التزام واضح واستراتيجي من الدولة.
 
3. رأس مال خاص محفّز عبر صناديق استثمار، وحاضنات، وشراكات.
 
4. وقبل كل شيء، تميّز أكاديمي منفتح على العالم.
 
في الولايات المتحدة مثلاً، من أصل نحو 900 مليار دولار تُستثمر سنوياً في البحث، 75٪ تأتي من القطاع الخاص، وحوالي 20٪ تموَّل من الدولة الفيدرالية عبر هيئات متخصصة مثل:
 
– المعهد الوطني للصحة (NIH)
 
– المؤسسة الوطنية للعلوم (NSF)
 
– ووكالة المشاريع الدفاعية المتقدمة (DARPA)
 
أما في لبنان؟ نعلم جميعاً أن البحث العسكري ليس ضمن إمكانياتنا الواقعية — إلا إذا اعتبرنا “الأمن السيبراني” جزءاً منه، وهو مجال قابل للتطوير ويجب أن يُدعَم.
 
أما التمويل العام، فلا مجال كبير له نظراً للوضع المالي للدولة. (وهنا أعترف لكم: ميزانية وزارة الصناعة لا تتجاوز المليون دولار في السنة…)
 
لكن الدولة قادرة على المساهمة بطرق أخرى: مثلاً عبر إنشاء نظام “حسم ضريبي للبحث”، يُشجّع الشركات وحتى الأفراد على تمويل المشاريع العلمية والتكنولوجية، مقابل تخفيضات ضريبية.
 
ويبقى أمامنا ركيزتان أساسيتان:
 
1. رأس المال الخاص— وخاصة من الجالية اللبنانية، التي ينبغي أن نُحسن تعبئتها من خلال صناديق استثمار، ومساهمات في الحاضنات، أو استثمارات مباشرة في المشاريع الريادية.
 
2. الالتزام الأكاديمي— وهنا، جامعة القديس يوسف، مثل غيرها من المؤسسات الرائدة، لها دور محوري في صقل الكفاءات وقيادة هذا التوجه.
 
أناشد اليوم بإطلاق “ميثاق وطني من أجل المعرفة” في خدمة لبنان ومستقبله. ميثاق يستند إلى ستة محاور عملية:
 
1. إنشاء “هيئة عامة للابتكار” تُنسق وتوجه وتقود الاستراتيجية الوطنية.
 
2. إقرار نظام “الحسم الضريبي للبحث” لتحفيز القطاع الخاص.
 
3. تنظيم الربط مع الجالية العلمية اللبنانية في الخارج (عبر الصناديق والشراكات).
 
4. تطوير “أقطاب قطاعية” للبحث والتطوير (في الصحة، والذكاء الاصطناعي، والصناعات الغذائية، والطاقة..).
 
5. تقوية الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص، وأيضاً مع علماء الاغتراب.
 
6. تدويل البحث العلمي اللبناني عبر اتفاقات ومشاريع مشتركة.
 
علينا أن نجعل من البحث العلمي “ليس ترفاً في زمن الرخاء، بل فعلاً من أفعال المقاومة في زمن الأزمة” إنه رهان على الذكاء، وعلى الشباب، وعلى السيادة الوطنية. يمكن للبنان أن يصبح ملتقى عالمياً للتميز— شرط أن نملك الرؤية، والإرادة، والعمل الجماعي.وجامعة القديس يوسف، بتاريخها ورسالتها وطاقاتها، في طليعة هذا الطموح. وأنا أشكرها من القلب.أتمنى لكم نقاشات ترتقي إلى مستوى تحديات وآمال لبناننا.”
 
منح الأب دكاش الوزير عيسى الخوري درعاً تقديريّاً، كما سلّمه كتاباً عن الجامعة وتاريخها وإرثها الوطني والاكاديمي.​

تابع آخر الأخبار والتطورات أولاً بأول عبر قناة موقع كسروان أونلاين على تلغرام: https://t.me/KeserwanOnline

Photo Gallery
ألبوم الصور